الثلاثاء، 19 ديسمبر 2017

القبس في شرح موطأ مالك بن أنس


القبس في شرح موطأ مالك بن أنس
لتحميل الكتاب

اضغط هنا
يعد كتاب القبس للقاضي أبي بكر محمد بن عبد الله بن محمد المعروف بابن العربي، الأندلسي الإشبيلي المالكي، الحافظ المشهور، من أنفع شروح الموطأ وأشملها، على كثرتها وتوافرها. وأهمية «كتاب القبس» وقيمته العلمية تأتي من إمامة واضعه، وجلالة قدره، فهو الإمام، المفسر، المحدث، الفقيه، الأصولي، اللغوي، المؤرخ، وتسمية ابن العربي شرحه هذا بـ«القَبَس»، بفتحتين، ذات معنى ودلالة، فالقبس يعني شعلة من نار يقتبسها الشخص، ففي التسمية إشارة إلى شدة تعلق هذا الشرح بكتاب الموطأ، وتمكنه منه كتمكن شعلة النار ممن تتعلق به، وإلى كونه صار واضحاً به كما يتضح مَن يكون في ظلمة بشعلة النار التي أتت عليه. وقد أبان الحافظ ابن العربي في كتابه هذا عن علم مالك ومكانته، ومكانة كتابه الموطأ الذي وصفه بأنه أول كتاب ألف في شرائع الإسلام، واعتنى فيه بما قصر فيه غيره، مثل أبي الوليد الباجي الذي لم يهتم بما تضمنه كتاب الموطأ من علوم الحديث، واهتم بمناقشة المسائل الفقهية والأصولية وأظهر أن مالكاً له تقدم وسبق في وضع كثير من المصطلحات الفقهية، وفي كل هذا يقول ابن العربي ـ رحمه الله ـ في مقدمته: «هذا كتاب القبس في شرح موطأ مالك بن أنس رحمه الله تعالى، وهو أول كتاب ألف في شرائع الإسلام وهو آخره؛ لأنه لم يؤلف مثله، إذ بناه مالك رضي الله عنه، على تمهيد الأصول للفروع، ونبه فيه على معظم أصول الفقه التي ترجع إليها مسائله وفروعه، وسترى ذلك، إن شاء الله، عياناً وتحيط به يقيناً عند التنبيه عليه في موضعه أثناء الإملاء بحول الله تعالى». وبعد المقدمة بدأ ابن العربي في الشرح مباشرة عارضاً المسائل في تقسيم بديع رائع، حيث اختار لها من العناوين البارزة والمعبرة ما يحقق الإفادة من كتابه بطريق سهل متيسر، فقد استعمل عناوين توضيحية مثل قوله: إلحاق، كشف، إيضاح، تفصيل، استلحاق، تفريع، تكملة، تنبيه على مقصد، استدراك، فائدة، نكتة أصولية، تتميم، تحقيق لغوي وتحقيق شرعي، تنبيه على وهم، مسألة أصولية، تأصيل، تعليق، وهم وتنبيه، تفسير، تحديد، تأصيل، ترجمة، تأسيس، عطف، مزلة قدم، عارضة، مزيد إيضاح، توحيد، تأديب، حكمة وحقيقة وتوحيد، بديعة، تبيين مشكلة، توصية، توفية، وهكذا. وسلك ابن العربي في شرح أبواب كتاب الموطأ وما اشتمل عليه منهجا دقيقا، فيستهل بذكر الباب الذي ترجم به مالك، ثم بعد ذلك يقول: «حديث فلان»، ثم يدمج الحديث بالشرح، والتزم في هذا السياق بعدم تكرار المسائل التي سبق أن تناولها، فيكتفي بالإحالة عليها، سواء كانت المسألة في أثناء كتاب القبس أو كتاب آخر من تآليفه، وهذا منهج ينسجم مع مراده من كتابه من جهة الاختصار، والذي نبّه إليه غير ما مرة، يقول مثلا: «وفي تتبع هذه الأوجه كلام طويل لا يليق بهذا القبس» [ القبس 1/108]، إلا أنه منهج قد يفوت على الراغب الكثير من فوائد الشارح ودرر علمه، علما أن ما خطّه في غير هذا الكتاب وأحال عليه في كتاب آخر لن يكون بمقدور كل واحد معرفته والوصول إليه؛ إما لكونه نادرا، أو مخطوطا، أو مفقودا بالمرة. ومن منهجه أيضا عرض ألفاظ المؤلفات الحديثية الأخرى عند الاقتضاء، والنص على الزيادات فيها، والجنوح إلى الصحيح، وبيان الثابت من غيره، سواء في الأحاديث أو الأقوال، واستعمل لهذه الغاية عبارات عدة، مثل: الأصح، الصحيح، المشهور، لا يصح، الضعيف، وغيرها، واعتمد أسلوب الحجاج والمناظر في مناقشة المسائل، فكثيراً ما يسوق آراء المخالفين فيجعل عبارة: «فإن قيل» دالة على قول المخالف، وعبارة:«قلنا» دالة على مناقشته لهم، واستند بقوة ظاهرة إلى علم الأصول، وعلم اللغة؛ استطاع بهما أن يوجه جملة من الأقوال المتعارضة ويرجح بينها، ويقوي ما يذهب إليه من الاستنباطات والتخريجات العلمية. وإن كان ابن العربي لم يُخْف نزعته المالكية في كتابه هذا، كما في أغلب مصنفاته، فإن منهج الإنصاف كان حاضرا عنده فيه، فيجده القارئ يقوي رأيا أو مذهبا معينا على رأي ومذهب المالكية، ويبين في أحيان أخرى أوهامهم وضعف بعض آرائهم، كما يفعل مع بقية أصحاب المذاهب الأخرى، وله ردود على العلماء في مختلف التخصصات العلمية المعروفة، فرد على الفلاسفة والمتكلمين والمحدثين، وغيرهم، كل ذلك في قالب علمي صِرف. وكانت عمدة ابن العربي في وضع هذا الكتاب تراثه العلمي الحافل والمتنوع، فهو يحيل فيه إلى بعض كتبه الأخرى التي سبقت هذا الشرح، خاصة كتب الأصول، وفيه ذكر لبعض الكتب المالكية المعروفة، والأعلام المشهورين، كالمدونة، وأشهب، وابن عبد الحكم، وابن نافع، وابن الماجشون، وعامة علماء المالكية، وغيرهم من أرباب المذاهب الأخرى، كما لشيوخ ابن العربي حضور وذكر في كتابه. وقد أضحى «كتاب القبس» بهذه الميزات التي اختص بها منهلا عذبا، ومصدرا نفيسا لعدد من المصنفين في مختلف ألوان العلوم والفنون، في التفسير، وشروح الحديث، والفقه وأصوله، فمن المفسرين الذي نقلوا منه وصرحوا به القرطبي والثعالبي في تفسيريهما، ومن شراح الحديث ابن حجر في فتح الباري، والسيوطي في تنوير الحوالك، والزرقاني في شرحه، والمباركفوري في تحفة الأحوذي، ومن الفقهاء القرافي في الذخيرة، والمواق في التاج والإكليل، والحطاب في مواهب الجليل، ومن الأصوليين بدر الدين الزركشي في البحر المحيط. طبع الكتاب في ثلاثة مجلدات، صدر عن دار الغرب الإسلامي، الطبعة الأولى 1992هـ، بتحقيق محمد عبد الله ولد كريم.r



للمزيد من الكتب عن ( مسانيد الأئمة)

اضغط هنا






تابعنا على موقع Facebook
اضغط هنا
تابعنا على موقع Twitter
اضغط هنا

#كتب #مكتبة_الاندلس #كتيب #قصص #رواية #قراءة #روايات #كتب_اطفال #كتب_عربية #كتب_انجليزية #كتابا_جديدا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

تراث العالم القديم

لتحميل الكتاب اضغط هنا